فينوس
سمع صوت صرير البوابة الحديدية وأصوات أقدام غاضبة قادمة نحوهما، اضطرب وأمسك بها يتأملها للمرة الأخيرة، بات متخبط بين حبه وعقيدته، بين إيمانه بها وإيمانه بالمسيح، بين ذاك العناد الواضح على قسمات وجه كسته البراءة وكساه أيضا
عقل مملوء بعلم غزير، لم يُسمح له أبدا أن ينطق باسمها مجردا، فكان لها العبد وهي المعبودة، يتحسر على ما تنتظره تلك العينان اللاهبتانِ وتلك النشوة في نظراتها التي تكسر المنطق والوعي، للمرة الأولى ينتظرها هزيلة ضعيفة حتى تطلب منه الرحمة والموت بسلام، طلبت الانصياع بعينيها حين باتت أقدام الغوغاء وشيكة، هنا امرأة قوية ساحرة تتعبد في المكتبة كالدير وتعيش مع افكارها والنجوم في صومعتها، حاربت بفكرها أعتى العقول جهلا فحكموا عليها بالموت، قالت له بهدوء:
سمحتُ لك بالنظر في عيني مرة وهأنذا أسمح لك
بأن تنظر في أمري فأنا الآن أثيرة عند معبودي،
طوقها بذراعيه وكتم أنفاسها وقبل جبينها.
وبعد عام و بعد أن صار يوم وفاتها مُقدسا رأى ضوء نجمها المُفضل ” فينوس”يلمع من السماء على ذاك الإناء الشفاف الذي احتفظ فيه بعينيها فغض بصره عنها وانصرف.
***
اترك تعليقاً