يوميات من الشارقة
في تلك الليلة كان كامل الاستدارة والبياض يعرف موعده مع أهل الأرض، حيث ينتظرونه في تلك الليالي القمرية ..
يقطع أميالًا ليلية وسط جبال من ظلام متراكم، يتحين فرجة من سحاب، لا ليطل منها على الغابات الواسعة، وصفحات البحار، ووجوه الصحروات المترامية فحسب، ولكن ليطل من شرفته على الحيارى والساهرين والعشاق.
كانت عيناها الواسعتان قد امتلأتا بنوره ودفئه وعشقه.
هي ، نعم هي التي تهيم وتتبدل ملامحها وتمشي مسلوبة سارحة حيث لا تدري، شعاع القمر الوردي يدري ما بها، وما أصابها منذ أن تركها حبيبها، وسافر منذ عام على وعد ألا يطول غيابه، ولكن مر العام، وطال البعاد ولم يعد ..
ظلت حبيبة هكذا طيلة الليالي القمرية تخرج ولا تعود إلا إذا أتعبت، وأضنى أهلها البحث عنها، وإعادتها من غيبوبتها.
وفي ليلة كان موعدها معه، تركت غرفتها هائمة على تلك الحال، وقد بعدت عن بيتها كثيرًا؛ لتختفي وسط الأشجار المحيطة بالقرية، وقد تلبسها ذلك الضوء المتسلل من بين الظلام؛ ليتشكل بصورة الحبيب الغائب، فيحتويها بين ذراعيه، ويضمها إليه؛ لتختفي في صدره، فتروي عطش قلبها الذي طال..
وكانت هذه أكثر مرة يقتلها شبق الشوق إلى الحبيب التي لم تعد تراه، فجاءها من كان يراقبها بدهاء متخفيًا بنور القمر الساحر؛ ليأخذها إلى المجهول البعيد حيثما يريد، واختفت حبيبة ولم تعد إلى غرفتها في انتظار اختفاء القمر، وعودتها من جديد.
ياترى متى تعود حبيبة، ومتى يعود الحبيب …
اترك تعليقاً