بعد فوات الأوان
وتحدَّث إليَّ لأول مرة منذ وقت طويل قضيناه فى صمت قاتل أو ربما خوفاً من المواجهة. أتى، وجلس إلى جوارى وهمس فى أذنى أنه مازال يعشقنى، وطبع على جبينى قُبلة، وضمنى إلى صدره واعتذر عما بدر منه. لم أندهش ولم أُبدِ أى رد فعل، لم أشعر بدفء القبلة ولا بصدق أو كذب ذاك الحضن. لم يلفت انتباهي سوى لون الوردة التى أحضرها لى، ربما لأنها كانت حمراء مثل عينى التى ظلت طوال الليل تنزف دمعًا ودمًا. أرى شفتيه تتحركان بكلمات الاعتذار، والأشواق بعد ثورة عارمة من الشكوى والمحاولات أن يشعر بي. ربما تخوف صمتى وافزعه استسلامى بعد عاصفة غضبى. لم يلاحظ محاولاتي لبقاء حبه داخل قلبى، وأوقات الخذلان التى انهت على تبقى من قدرتى على استمرار بقائى الى جواره. لقد بذلت كل ما بوسعى فى محاولة للتأقلم على حافة اليأس التى وضع قلبى عليها، وبذلت قدرا من طاقتى فى اخفاء لحظات الخذلان التي أصابتني من إهماله لى، ولكن الان سوف أوفر ما تبقى لدى من طاقة، وجهد لرحلة الرحيل والبعد عنه. محاولته جاءت بعد فوات الأوان، بعد أن فقدت روحى، ولم يبقى سوى جسدى الهزيل الذى لا يصف إلا ما عانته الروح من ضعف وانكسار فى محبته. ويا ليته يعلم أن تلك الورود لا تعنى لى شيئًا عندما قام بوضعها على قبرى وأنا التى كنت أنتظر، وأتمنى أن يهدينى إياها، وأنا على قيد الحياة.
اترك تعليقاً