قلم وريشة

الوصف

قلم وريشة – جواد سيف الدين

للتحميل:

قلم وريشة – جواد سيف الدين – ببلومانيا

استفِق يا إنسانُ من سُباتِك العميق، استيقِظ في الصباحِ الباكر وارتدِ ثيابكَ الأنيقة، ثوب المحبة والإنسانية، اركض نحو لقمةِ عيشِكَ، لقمةٌ هي ليست طعاما ولا شرابا، هي لقمةُ المحبةِ والسلام.
اخرج وألقِ فُتاتَ خُبزٍ من ليلةِ أمس لعصفورٍ عابِرٍ…
أكمِل مسيرَك وابتسِم لذاك العجوز وكُن لعجزهِ سندًا، ساعد ذاك الكفيفَ لعبورِ الشارع، اترك شيئًا من ثيابِكَ على قارعة الطريق.
كثيرون من يقولون إن الإنسان يتميز عن باقي الكائنات بامتلاكهِ العقل، تلك معادلة معروفة لدينا نحنُ البشر، ولكنها معادلةٌ منقوصة بالنسبة لي لأن ما يميزُ إنسانيتنا ليس فقط العقل؛ فنحن نغفلُ كثيرًا عن وجود تلك القوة في صدورِنا التي تسكنُها قوى تُسَيِّرُنا نحو الخير أو ربما نحو الشر والطغيان إن لم نُجِد استعمالها، تماما كما يفعل العقل.
هو قلبُ الإنسان… نعم فهناكَ من يرى تلك الأمور صدفةً…
معطفٌ على الطريقِ صُدفة، وجودُ خبزٍ للعصافير صُدفة، مرورُ شخص طيبٍ ساعد آخر على عبور الشارعِ صُدفة، ولكن ستبقى هذه الصُدفةُ عالقةً بين الأرض والسماء، تزيدُ إيمانَ الأشخاص بالله…
هذه الصُدَفُ هي كذلكَ بالنسبة لذاكَ العابر، ولكن ليست كذلك بالنسبة لكَ، فأنتَ خُلِقتَ لكي تصنعَ له هذه الصُدفة بشيء وضعه الله في قلبك وأجدتَ استعماله كذاك الذي أجادَ استعمالَ الطاقة ليُنتِج النور بدل صنعها قنابلَ في الحروب.
إنها المحبة والسلام، هي صلةُ الإنسان بالرب وهذا محوَرُ الدين، أن تجعلَ الآخرين يرونَ الربَّ فيكَ وأن تكونَ سببا بشعورِهم بالإيمان، فانت موجودٌ على الأرض لتقريبِ الناسِ من ربِهم من خلال خلقِ تِلك الصٌدفة وجعلِهم يشعرون بهذا الإيمان.
هيا اعبُر، فالموتُ وهمٌ كبير، لا أحد يموتُ إلا ذاكَ الذي مرَّ في الحياةِ دون أثر، الذي فضَّل العبوس بدل الابتسامة، ذاك الذي لم يعرِف كيف يستعمل قلبَه!
أقِم صلاتَك بينَ الفُقراء وليس بجامعٍ جامدٍ قد نحتَه مُنافقونَ ذهبا.
اجعل قُبلتكَ الفقير، وصلاتُك ابتسامةٌ أمام وجهٍ يتيم، انشُر الحبَّ والسلامَ حولَك.
أسرِع فهناكَ من ينظِر روحَكَ وضِحكتَك العفوية، هناك من يترقبُ تعابيرَ وجهِكَ، أسلوبَ حديثِك، هناكَ من كُنتَ له شيئًا ناقصًا في يومهِ واكتملَ بحضورِك.
اقطف وردةً من على طرف الطريق.
احملها مسافات دون ملَل، لا تخجل من نظراتٍ غريبة حولك، واجعل الأمر يوميًا.
لا تقتل عفويتَكَ ولا تسمع لأحد أن يقتُلها…
سترى يوما أن تميزَك امتدَ وأن الجميعَ قد حمل وردةً.
لأنه في الأخير لا يبقى سوى وردة حمراء وأثر جميل وقصةُ قلَم.