ملاذ غير آمن

الوصف

تأملها يوسف بتركيز وقد افْتَرَّت شفتاه عن ابتسامة جميلة تداري خلفها نواجذ رائعة، أخذ يفكر كم كبرت الصغيرة التي كان يحملها بين راحتيه، تلك الصغيرة التي كانت تفرُّ منه حين يقسو عليها إليه، وتحتمي بحضنه من بطش العالم، والتي أفاض عليها يوسف بحنانه منذ توفيت والدتهما، لم يتوانَ يومًا عن الإفراط في تدليلها، أسرف عليها بعاطفته وأغدق عليها بمحبته. كانت ليل ابنته قبل أن تكون شقيقته. واليوم وقد أصبحت أنثى رقيقة، امرأة جميلة، وفتاة مثقفة محببة وخلوقة يتهافت عليها الخُطَّاب. ويسعى للظفر بها كل من يراها، إنه لا يتخيل حياته، بدون وجودها، لا يتخيل أن تتركه يومًا وتذهب بعيدًا عنه لتمضي حياتها مع غريب، إنها لا تدرك كيف سيخلف غيابها وحشةً وفراغًا كئيبًا في حياته، يدرك أن البيت بدونها سيمسي مفتقرًا للحياة به، سيغدو باردًا لا بهجة فيه ولا روح، إنها مُهجة البيت وروحه المرحة، ولكنها في النهاية ُسنّة الحياة، لا بد أن يأت اليوم الذي تفارقه به لتُزفَّ إلى رجلٍٍ اختاره قلبُها، لا بد أن يقبل اليوم الذي تتوج به السعادة قلبها وأيامها برفقة رجلٍ يستحقها، يدرك كم سيعذبه فراقها، ولكن سعادتها يومئذٍ ستكون مقدمة على كل شيء.