تمثال
سَمِع نثارًا من القول عن ذلك العجوز؛ “فنان، نحات”، ” الباشوات كانوا يغمرونه بالذهب والفضة”، “بخيل لا تظهر عليه أثر النعمة”، “يعيش وحيدا وسيموت وحيدا” يتساءل أحدهم: أين يخبئ ثروته؟ يسحب نفسا عميقا من النرجيلة، فتقرقر، تزداد الجمرات اشتعالا، ينفث سحبا من دخان أزرق. الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، يقف أمام باب شقة العجوز، ضوء خافت ينبعث من الداخل، بمهارة يفتح الباب ثم يغلقه خلفه بهدوء، شقة متواضعة؛ حجرتان وصالة، حجرة نوم يصدر منها غطيط، يدلف إلى الحجرة الأخرى؛ مخزن لأشياء قديمة، لوحات زيتية أدوات للنحت، أسطوانات، مكتبة ضخمة، تسمر فجأة أمام تمثال لامرأة من حجر نوراني، جمال لم يره في حياته، عجينة من مرمر، يخيل له أنها تنظر إليه، وأن خصلات شعرها حيات صغيرة تسعى، يتراجع في ذعر، يريد أن يصرخ لكنه لم يستطع. في الصباح يقف العجوز أمام التمثالين، يلقي نظرة لامبالية على تمثال ذلك الرجل المرتاع، يرفع بيده مطرقة ضخمة ثم يبدأ بتحطيمه، كان هناك صراخ مكتوم لكن لم يسمعه أحد.
***
اترك تعليقاً