جنوب السودان.. شاهد على ميلاد الدولة
السعر الأصلي هو: EGP 480.00.EGP 250.00السعر الحالي هو: EGP 250.00.
- الوصف
- مراجعات (0)
الوصف
لماذا هذا الكتاب الآن؟.. وما أهمية أن نقدم مشروع كتاب عن حدث فاصل في تاريخ الدولة السودانية مثل انفصال منطقة الجنوب وتأثيراته، بعد مرور اثني عشر عامًا على ميلاد تلك الدولة؟.. وما الإسهام الإضافي الذي يقدمه ويختلف عما تناولته عشرات الأدبيات والأبحاث وحتى الوثائق بشأن استقلال منطقة جنوب السودان؟
بلا شك هذه تساؤلات تبدو منطقية، لمن يقرأ ويتوقف أمام عنوان هذا الكتاب للوهلة الأولى، بل كانت حاضرة أمامي باستمرار منذ أن كان هذا المشروع فكرة.. والواقع أن هذا الكتاب جاءت فكرته منذ أن كنت في قلب الحدث، في مدينة “جوبا” متابعًا ومعاصرًا لعملية استفتاء تقرير مصير جنوب السودان، وشاهدًا على تفاعلات الجنوبيين كافة المشاركين في التصويت على الانفصال في يناير 2011، فحدث مثل هذا غني بعشرات القصص والمشاهد التي تستحق أن توثق، وأن تروى لمعرفة ماذا حدث؟ ولماذا حدث؟ وكيف حدث الانفصال؟
ومنذ أن حدث الانفصال، واستقلت جنوب السودان، طاردني السؤال الأهم: هل الوقت قد حان لتقديم شهادتي على ما حدث في انفصال جنوب السودان؟ وقبل الحديث عن الوقت، هل من الكافي أن أعيد صياغة ما نُشر في التغطيات الصحفية والإعلامية لحدث انفصال الجنوب في مشروع كتاب؟.. من هنا بدأت الرحلة، رحلة تدوين سطور هذا الكتاب، ليكون جامعًا وشاملًا لكل ما حدث في قضية جنوب السودان، رحلة عمرها اثنا عشر عامًا، اطلعتُ خلالها على عشرات الأدبيات والتحليلات والوثائق التي تناولت قضية جنوب السودان، قبل أن أسجل ما رصدته وشاهدته وعايشته.
ولا أُخفي أن كثيرًا مما قرأت، وكان بأقلام متابعين ومحللين ومتخصصين من السودان وخارجه، كنت أشعر معه دائمًا أن هناك حلقة مفقودة، أو استفهام رئيس مفاده “ما السبب الحقيقي للأزمة في الجنوب؟”، استفهام بحثت كثيرًا عن إجابة موضوعية له، فكثير من تلك الكتابات نقلت روايات أطراف الصراع، بداية من مبررات الشمال التي دارت حول المؤامرة الخارجية، وإرث الاستعمار والصراع الديني، وما بين أحاديث الجنوب واتهامات الإهمال والتهميش والسطوة الدينية أو سطوة الحكم الديني، ونخبة تلقي باللوم على أطراف ودوائر كثيرة.. والخلاصة أننا أمام صورة مشوشة، أو بمعنى أدق صورة لحاجة إلى تدقيق وتحقق على أرض الواقع، وهنا يأتي أحد الجوانب المهمة لهذا المشروع، بما يسجله هذا الكتاب من شهادات من أرض الواقع وقت استفتاء تقرير المصير.
لست هنا بصدد إعادة طرح ما ساقه كل طرف عند انفصال الجنوب، ولست بصدد إثبات مدى صحة رواية كل طرف، أو أي من الأسباب أقرب للحقيقة والواقع، فلن نعود للوراء لنكرر كل ما قيل وقُدم من أسباب لانفصال الجنوب، فقد انتهى الأمر وقامت دولة الجنوب ولا مفر.. ولكن هي رحلة للفهم الحقيقي والموضوعي لطبيعة الأزمة في إقليم جنوب السودان، الأسباب التي دفعت المواطن الجنوبي يشعر أنه غريب في وطنه الأم؟.. وفي الوقت نفسه كيف كان شعور المواطن السوداني في الشمال بفقدان جزء من وطنه؟ وكيف كان إيمان السودانيين بفكرة الدولة الوطنية الواحدة؟ وفوق كل ذلك الدروس التي يقدمها حدث انفصال هذه المنطقة عن الدولة السودانية.
هي رحلة بحث في أوراق التاريخ عن أصل وجذور المشكلة في جنوب السودان، ورحلة تقصي الحقيقة على أرض الواقع، بدأت من القاهرة، ثم زيارات ميدانية بين العاصمة السودانية «الخرطوم »، وعاصمة الجنوب «جوبا » وقت استفتاء تقرير المصير شاركتني فيها الزميلة الصحفية ولاء حسين، بما شملته من لقاءات وحوارات مع النخبة السودانية شمالا وجنوبا بشتى أطيافها، ونُشرت وقتها على مدار 34 حلقة يومية في صحيفة روزاليوسف، واستمرت الرحلة ما بعد ميلاد الدولة بتقييم واقع دولة الجنوب على مدى أكثر من 12 عاما.
يقدم الكتاب، من أرض الواقع، صورة موضوعية لمجتمع جنوب السودان.. كيف يعيشون؟.. مستوى الخدمات والمرافق والحركة داخل الأسواق.. المدارس.. دور العبادة من مساجد وكنائس، حالة الأمن، وحتى على مستوى الجريمة في المجتمع من خلال مقابلات مع مدانين ومتهمين من داخل سجن جوبا.
رحلة ميدانية بلا شك كانت محفوفة بالمخاطر، تعرضت خلالها لأكثر من تهديد كاد أن يودي بحياتي، بداية النجاة من لدغة ذبابة “تسي تسي” القاتلة في إحدى لجان التصويت، والنجاة من السقوط في أحد خنادق الحرب الأهلية في منطقة المواجهات بضواحي العاصمة جوبا، فضلًا عن القبض على في العاصمة الخرطوم، لمجرد قيامي بتصوير “المسجد الكبير” بوسط العاصمة قبل صلاة الجمعة، ولم تفرج عني الشرطة السودانية وقتها إلا بعد حذف الصور.
وبالتالي يمكن النظر إلى مشروع هذا الكتاب، على اعتباره وجبه بحثية شاملة، وتوثيق لقضية جنوب السودان وما حدث فيها، من واقع رحلة طويلة إلى أعماق جذور تلك القضية تاريخيًا، وصولًا إلى مشهد الاستفتاء على الانفصال، وشهادات النخبة السياسية والحاكمة في السودان، رحلة تقدم للقارئ الصورة الكاملة لقضية الجنوب بعين المتابع والمراقب وقلم الباحث والصحفي.
ولا يقف هذا الكتاب عند حدود إعلان انفصال الجنوب، وإنما يُقيم واقع تجربة دولة الجنوب على مدى اثني عشر عامًا، كيف تعايش شعب جنوب السودان مع دولته؟ وكيف كانت تجربة الحكم، وتعاطي الحكومة مع إرث المشكلات التي طالما عاناها الجنوب، على مدى أكثر من عقد من الزمان؟ وهي فترة كافية للحكم على تجربة دولة الجنوب، بل وتقدير موقف ما تواجهه دولة الجنوب من تحديات معاصره، قد تؤثر في استقرارها السياسي والأمني.
كما يقدم الكتاب قراءة لمسار العلاقات المصرية مع جنوب السودان، وشكل التعاطي المصري مع قضية الجنوب، ويسعى في هذا الجزء لتقديم إجابة لسؤال كثيرًا ما رددته النخبة المصرية: هل أهملت مصر السودان حتى انفصل الجنوب؟ ومستقبل وأهمية الشراكة المصرية مع جنوب السودان؟
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.