الوصف
“الشيخان” هو كتاب آخر من تأليف طه حسين، الذي يعد واحداً من أهم الأدباء والمفكرين في العالم العربي. يتناول هذا الكتاب حياة وتاريخ اثنين من أبرز الشخصيات في التاريخ الإسلامي: الخليفة الأول أبو بكر الصديق، والخليفة الثاني عمر بن الخطاب.
طه حسين يعرض في “الشيخان” لمحات من حياة كل من أبو بكر وعمر، ويسلط الضوء على إنجازاتهما وأدوارهما في تأسيس الدولة الإسلامية وتوجيهها بعد وفاة النبي محمد. يركز الكتاب على الحكمة والعدل والتفاني اللذين تميز بهما هذان الخليفتان، ويسعى إلى تقديم صورة متكاملة عن قيادتهما الفذة وتأثيرهما الكبير على تطور الحضارة الإسلامية.
من خلال “الشيخان”، يستعرض طه حسين الأحداث التاريخية المهمة التي وقعت خلال فترة حكم أبو بكر وعمر، بما في ذلك الفتوحات الإسلامية الكبرى والإدارة الحكيمة للدولة الناشئة. الكتاب يعكس أيضًا رؤية طه حسين النقدية والتحليلية للتاريخ الإسلامي، ويسعى لفهم الشخصيات التاريخية في سياقها الزمني والاجتماعي.
-
طه حسين: أديبٌ ومفكِّرٌ مِصريٌّ وُلِد «طه حسين علي سلامة» في نوفمبر 1889م بقرية «الكيلو» بمحافظة المنيا. فَقَدَ بصرَه في الرابعة من عمره إثرَ إصابته بالرمد، لكنَّ ذلك لم يَثْنِ والِدَه عن إلحاقه بكُتَّاب القرية؛ حيث فاجَأَ الصغيرُ شيخَه «محمد جاد الرب» بذاكرةٍ حافظة وذكاءٍ متوقِّد، مكَّنَاه من تعلُّم اللغة والحساب والقرآن الكريم في فترة وجيزة. وتابَعَ مسيرته الدراسية بخطوات واسعة؛ حيث التحَقَ بالتعليم الأزهري، ثم كان أول المنتسِبين إلى الجامعة المصرية عامَ 1908م، وحصل على درجة الدكتوراه عامَ 1914م، لتبدأ أولى معاركه مع الفكر التقليدي؛ حيث أثارَتْ أطروحتُه «ذكرى أبي العلاء» مَوجةً عالية من الانتقاد. ثم أوفدَتْه الجامعة المصرية إلى فرنسا، وهناك أَعَدَّ أُطروحةَ الدكتوراه الثانية: «الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون»، واجتاز دبلوم الدراسات العليا في القانون الرُّوماني. وكان لزواجه بالسيدة الفرنسية «سوزان بريسو» عظيم الأثر في مسيرته العلمية والأدبية؛ حيث قامَتْ له بدور القارئ، كما كانت الرفيقة المخلِصة التي دعمَتْه وشجَّعَتْه على العطاء والمُثابَرة، وقد رُزِقَا اثنين من الأبناء: «أمينة» و«مؤنس». وبعد عودته من فرنسا، خاض غِمار الحياة العملية والعامة بقوة واقتدار؛ حيث عمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني بالجامعة المصرية، ثم أستاذًا لتاريخ الأدب العربي بكلية الآداب، ثم عميدًا للكلية. وفي 1942م عُيِّن مستشارًا لوزير المعارف، ثم مديرًا لجامعة الإسكندرية. وفي 1950م أصبح وزيرًا للمعارف، وقاد الدعوة لمجانية التعليم وإلزاميته، وكان له الفضل في تأسيس عددٍ من الجامعات المصرية. وفي 1959م عاد إلى الجامعة بصفة «أستاذ غير متفرِّغ»، وتسلَّمَ رئاسة تحرير جريدة «الجمهورية». أثرى المكتبةَ العربية بالعديد من المؤلَّفات والترجمات، وكان يكرِّس أعمالَه للتحرُّر والانفتاح الثقافي، مع الاعتزاز بالموروثات الحضارية القيِّمة؛ عربيةً ومصريةً. وبطبيعة الحال، اصطدمت تجديديةُ أطروحاته وحداثيتُها ببعضِ الأفكار السائدة، فحصدت كبرى مُؤلَّفاته النصيبَ الأكبر من الهجوم الذي وصل إلى حدِّ رفع الدعاوى القضائية ضده. وعلى الرغم من ذلك، يبقى في الذاكرة: «في الأدب الجاهلي»، و«مستقبل الثقافة في مصر»، والعديد من عيون الكتب والروايات، فضلًا عن رائعته «الأيام» التي روى فيها سيرته الذاتية. رحل طه حسين عن دُنيانا في أكتوبر 1973م عن عمرٍ ناهَزَ 84 عامًا، قضاها معلِّمًا ومؤلِّفًا وصانعًا من صنَّاع النور.
عرض جميع الكتب
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.