الراقصون على الأرض المحترقة

الوصف

هكذا مرت ستة أشهر عجاف على المدينة، عدت ببطء السلحفاة والأمر يزداد غمًّا على غمٍّ، وأنا قعيد حجرتي الخاوية إلا من الهواجس والظنون التي تلاحقني كغريب في بلاد غريبة، تتصاعد مني تنهيدة كأنها بداية أغنية حزينة، فإحساس العجز يكبلني ومنشار الحزن ينشر صدري ويقتلع جذورا من عقلي.
كانت الحجرة ساخنة كموقد يشتعل بالجمر، العرق ينفصد من جبيني، لم أستطع منع ما انفلت من دموعي. أحاسيس غريبة ترجرج جسدي من الداخل ويقشعر لها من الخارج، كنت متوترًا حد الانهيار، كل شيء يساعدني على رسم لوحة مرعبة قاتمة قبيحة الخاتمة.
تمزقني فكرة واحدة أن أقضي سويعات ما قبل الموت في هذه الغرفة ذات الجدران الصماء. أحسني أعاني، أكابد، أنا متعب مغلول، أيامي تتمطى مثل كلب كسول، جنون الجوع والتعب يفقدني رؤية الأشياء في وضوح.
عاودتني الحمى وغلت نارها في رأسي ونوبات من السعال تداهمني، ساءت حالتي الصحية.
نهضت ببدنٍ مُثقل وروح مجهدة، أمشي مشية الذاهل الحائر نحو مكتبتي التي ورثتها من جدي، نفضت الغبار من على الكتب القديمة، كان جسدي مُقيدا بالجوع والمرض لكن عقلي حرٌ طليق..