جريمة قتل غير مبررة، والدافع التنمر

جريمة قتل غير مبررة، والدافع التنمر

كتب أحمد محمود شرقاوي:
“أنا قتلته عشان حاول يدافع عن اخته”
فكرة انك تكون بتاخد كل حاجة بدراعك دي بتربي جواك هاجس إنك سلطان، مينفعش أي حد في الدنيا يقدر يقولك لا، وأي حاجة تتمناها لازم تاخدها، بتشوف البشر وقتها مجرد عبيد بيخافوا من سلاحك، وقتها بس بتتحول لمسخ قادر انه يخلي الدم يجري زي النهر على الأرض..
صفحة الكاتب على فيس بوك: أحمد محمود شرقاوي
…………..
الحارة المصرية اللي بقت منبع للبلطجة وقلة الأدب والمعاكسات والتحرش، وانا بقا عرفت الطريق بدري أوي، وعرفت اخود صف الكسبان على طول، واستحالة تكون كسبان وانت ماشي جمب الحيط وبتقول يا حيطة داريني، لأن الحيطة نفسها هتتهد فوق دماغك..
مفيش غير مطوتك هي اللي هتحميك، وسيجارتك المحشية اللي هتنسيك الغم، والبت الحلوة اللي هتدلعك، هي دي الحياة واللي يختار طريق غير ده يبقا حابب يعيش زي العبد..
اتعلمت بدري أوي مسكة المطواة والخنجر والساطور، عملت من صغري الف خناقة وكنت دايما بعرف أعلم على المنافس، تاجرت في المخدرات واتوسعت أوي في النشاط، ودايما كنت بحب من وقت للتاني أضرب حد واعمل عليه نمرة عشان الناس تفتكرني وتحترمني..
قاعد على القهوة ٢٤ ساعة ببيع حشيش في المستخبي وبعاكس البنات في الرايحة والجاية، وصلت لمرحلة إن الناس كانت بتخاف تبص في وشي، وده جه بعد تعب ومجهود سنين، وقدرت في النهاية أشغل اسطول تحت مني عشان التجارة توسع وتكبر..
بس نقطة ضعفي الوحيدة كانت الجنس الناعم، كنت بعشقهم عشق، ويوميا كنت في بيت من بيوت الدعارة مع واحدة، لدرجة اني أهملت شغلي فترة كبيرة عشان خاطر البنات، ووصل بيا الهوس إني بقيت بجيبهم لحوش كبير في المقابر وامارس معاهم الفاحشة وسط هدوء الأموات..
الأموات اللي لو صحيوا هيخافوا مني ومن مطوتي، في اليوم ده كنت واخد البت عبير للمقابر كالعادة وقضيت معاها ساعة كاملة، ورجعت للحارة وقعدت على القهوة وانا منتشي ومبسوط اوي، ولعت جوان الحشيش وبدأت أشرب كوباية شاي باستمتاع شديد..
ووسط سرحاني لمحتها، بنت تقول للقمر قوم وانا أقعد مكانك، كانت ماسكة كتاب وراجعة للبيت، قمت بسرعة من على القهوة وراقبتها لحد ما شوفت بيتها، ولعت سيجارة مع صاحب المحل اللي تحت بيتها واتكلمت معاه شوية، عرفت ان اسمها أمنية وفي كلية حاسبات ومعلومات وليها أخ عنده ١٩ سنة وعايشين مع أمهم بعد موت أبوهم..
فضلت قاعد شوية بفكر وبعدها رجعت للبيت، بس أمنية مفارقتش خيالي وانا شايفها جمبي طول الليل، قلبي اللي كنت فاكره مات اتحيا من تاني على إيد أمنية، أنا شكلي هحبها ولا إيه..
ونمت على صورتها عشان أصحا تاني يوم اقعد مكاني على القهوة زي التايه، وعلى الساعة تسعة عدت من قدامي من تاني، وتأملت ملامحها على نور الشمس، وحسيت ان قلبي بيترج مكانه من جمالها..
لحظات بتخليني حرفيا أفقد السيطرة على نفسي، وفضلت قاعد مكاني ساعات طويلة وكل شوية أبص لأول الشارع مستني أشوفها وهي راجعة، وعلى بعد العصر شوفتها جاية، كانت زي الحورية اللي وقعت من السما..
قمت من مكاني بسرعة وجريت وراها وقولت:
– انتي زي القمر على فكرة
لقيتها بصتلي باستغراب وبعدها اتحولت النظرة لنظرة قرف وسابتني ومشيت، بصتها خلت النار تولع جوايا، بس ده زاد من تعلقي بيها أكتر وأكتر..
فكرة انك تشوف بنت نضيفة وسط ألف واحدة مش نضيفة بتخليك تتمناها لأقصى درجة، بتشوفها ملاك وسط ألف شيطان، وفضلت دماغي تودي وتجيب، لدرجة اني قعدت يومين كاملين مبروحش لبنت من اللي اعرفهم، حتى شغلي بقيت تايه فيه، وفي شغلنا لو طلعت عليك سمعة انك مبقتش مركز ألف سكينة هتترفع عليك..
عشان كدا كان لازم أخود موقف في أسرع وقت ممكن، وحاولت معاها مرة واتنين وتلاتة، بس كانت عاملة زي اللهب متعرفش تتدفى بيه، كل ما هتقرب منه هتتحرق وبس..
يومها قعدت على القهوة مغموم أوي عشان يشوفني واحد صاحبي من صحاب الكار:
– مالك يا عمهم تايه ليه اليومين دول
– بت شاغلة دماغي أوي
– شاغلة دماغك انت، دنت تشغل دماغ بلد
– بتكلم بجد، حاسس اني هموت عليها
– طيب ما تشدها ع الحوش بتاع المقابر
– لا دي بت ملهاش في الشمال ومحترمة
– خلاص خوش البيت من بابه ومفيش واحدة في المنطقة تعرف تقولك لا يا عضمة
الفكرة مسكتني لأقصى درجة، ليه ماخدهاش بالحلال وتبقا مراتي، مانا عندي شقتي والفلوس كتير اوي، وفعلا قعدت يومين بفكر وحاطط نفسي في هدنة يمكن انساها، بس يوم عن يوم كنت بتعلق بيها اكتر واكتر..
وقررت في النهاية أروح اتقدم لها، وحسيت بالصدمة على وشوشهم أول بس ما شافوني، أخوها الصغير قابلني، شاب عنده ١٩ سنة تقريبا، وأمها ست في قمة الغلب، كنت وكأني شيطان زارهم، فضلوا متوترين لحد ما قولتلهم سبب زيارتي..
لسة فاكر نظرات عنين أمها المذهولة وغضب أخوها اللي انفعل عليا وطردني برة البيت كله، خرجت من الشقة مذهول، مش مستوعب اللي حصل، ومش مصدق ان فيه حد قدر يظهر حقيقتي قدام عنيا، إنسان حقير محدش يتشرف بيه من الأساس..
ووسط ذهولي لقيتها طالعة على السلم، بصتلها بصة طويلة وهي كمان بصتلي باستغراب، مش فاهمة ليه انا طالع من شقتهم، سبتها وخرجت من المكان كله وانا حاسس اني متعلم في جسمي بأكبر علامة ممكن يتعلم عليا بيها..
ورجعت لمكاني وشافني صاحب الكار، كنت عامل زي المجنون، عنيا طافية ونظراتي شاردة وقاعد ماسك السيجارة وبترعش، وبعد سين وجيم وبعد ما زود النار جوايا كان القرار، انا هاخود اللي عايزه منها وغصب عنها..
عشان يتعلموا بعد كدا يتعاملوا معايا ازاي، فضلت مراقبها يومين كاملين عشان اتأكد من مواعيد نزولها، ويوم التنفيذ خليتها تطلع على الشارع وبعت عيلين يعاكسوها ويرخموا عليها، حاولت تتفاداهم بس كانوا محاوطينها من كل مكان، وفجأة وقف توكتوك ونزل منه واحد تبعي برضه، زعق للشابين وشتمهم ودافع عنها، وبكل ود مصطنع قالها اركبي يا أنسة أطلعك لحد الموقف عشان محدش يضايقك..
وهي من قلقها ورهبة الموقف ركبت، وطلعت وراهم بتوكتوك تاني، ومفيش دقيقة وركب صاحبي التوكتوك اللي هي فيه وكأنه زبون..
وكنت عارف انه هيفتح مطوته عشان يرعبها والتوكتوك هيكمل طريقه للمقابر، وبالأخص للحوش بتاعنا..
وشوفت التوكتوك بيتهز جامد اللي قدامنا، وعرفت انها وقعت في الفخ، وخدت نفس عميق وانا بجهز لأحلى ساعة في عمري كله، وكمل التوكتوك وظهرت المقابر من بعيد..
بس فجأة شوفتها بتنط من التوكتوك ودراعها كله دم، كانت متعورة، بس قاومت، ومسافة ما نطت صرخت وطلعت تجري، كل ده حصل في لحظات، حاولت انط من التوكتوك والحقها بس هي مسافة ما شافتني راحت ماسكة حجر وحدفته عليا بكل قوتها، تفاديته بالعافية وبصيت تاني بس كانت بقت بعيد، هربت في لحظة..
غضيت، غضبت وولعت عيني بنار الغضب، لدرجة اني كنت عايز اقتل صاحبي ده عشان معرفش يسيطر عليها، ورجعت للقهوة وانا مولع، كنت ثاير، أول مرة صيدة تهرب مني، بس المفاجأة الكبيرة حصلت لما شوفت أخوها جاي يجري ناحيتي..
وعرفت ان الموضوع وصله، بس هيعمل ايه الغلبان قدامي، كان ماسك شومة وبيجري عليا، جيت لقدرك ياللي طردتني من بيتك، وفي لحظة مسكت الترابيزة اللي عليها الشاي ونزلت بيها على دماغه، خد الضربة واترنح مكانه، وبدأ الصراخ..
الصراخ اللي بيعلي الادرينالين جوايا ويخلي شهوة الدم تتفجر في جسمي كله، لحظتها شوفت البنت بتجري ورا اخوها وبتصرخ، وكان دراعها لسة مجروح، مسكت شوية تراب حدفتهم في عنيا فزودت غضبي اكتر وقبل ما افوق لقيت اخوها نزل بالشومة على كتفي..
سمعت صوت طقطقة عظامي، بصيت بذهول حوليا شوفت الناس بتتفرج، عيل صغير وبت هيضيعوا هيبتي قدامهم، وفي لحظة سحبت مطوتي ومسكت الواد بغل من رقبته، وقبل ما احرك ايدي لقيته نزل بكف ايده على وشي..
وسمعت صوت وداني بتصفر من قوة الضربة والصدمة، هنا بس شوفت الدنيا حمرة بلون الدم هنا بس غرزت مطوتي في رقبته ودبحته، وشوفت الدم بيسيل زي النهر منه..
رغم كل اللي عملته في حياتي بس دي كانت أول مرة اقتل، حسيت وقتها بسخونة غريبة وجسمي كله اتكهرب وانا شايف الواد بيتنفض في الأرض، اخته اترمت عليه وفضلت تصرخ بهيستريا وانا وقفت ابص للناس بعيون حمرة بلون الدم..
صرخت بأعلى صوتي للحشد اللي حوليا:
– اللي هيقرب هدبحه زي ما دبحته
وشوفت الخوف في عنيهم وبس، محدش قدر يتجرأ ويقرب، يمكن لو كنت مشاهد كنت هتعجب من الجُبن اللي وصل له الناس دول، بس انا مينفعش أضعف، غير اني لازم أهرب في أسرع وقت..
و
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
………
في لحظة، وكأنه نزل من السما شوفت قدامي شاب واقف وماسك العصاية اللي كانت في ايد أخوها، اتكلم بكل هدوء الدنيا وعنيه جوة عنيا:
– انت ايه اللي عملته ده
قالها بثبات رهيب خلاني اتهز، خلاني أحس بالخوف لأول مرة في حياتي:
– لو اتدخلت هدبحك جمبه
الغريب انه ابتسم، ولقيته بص للسما وبأعلى صوته قال:
– أنا جايلك، بس جايلك على حق، وانت المستعان
الكلمتين دول خلوا جسمي كله يتشل مكانه، وقبل ما اخود نفس واحد كان نازل بالشومة على دماغي، حسيت بيها بتكسر عضم دماغي، الدنيا دارت من حوليا مرة واتنين، بس هو مرحمنيش، ونزلت الشومة تكسر عضمي، رجليا اتقسمت نصين من قوة ضرباته، دراعي اتكسر، ودماغي نزفت شلال دم..
كل ده كان مصاحب لوجع رهيب، وجع خلاني أصرخ وأطلب الرحمة، خلاني أقول ااااه بأعلى صوت، بس هو كسرلي رجليا، وجاب حبل وربطني، كان اقل مني في الجسم، بس ربك اداله قوة جبارة..
ولأول مرة أحس بالضعف والرعب، أحس بالإهانة والموت، سحلني على الأرض لحد باب القسم، كنت بردد كلمة واحدة طول العشر دقايق سحل:
– اااااااه
– ااااااااه
ورماني زي الكلب للشرطة اللي استلمتني، استلمتني عشان أدخل في دوامة، دوامة الحقايق..
انا قتلت نفس..
انا هترمي في السجن..
انا هتهان واتذل ذل الدنيا كله..
انا هتعلق في حبل المشنقة بعد أيام..
وعرفت، عرفت وفهمت بعد فوات الأوان، عرفت ان القتل جريمة عظيمة، ربك حرمها من فوق سبع سماوات، وانا قتلت، وربك كان شايف، المنتقم شافني وبعتلي اللي يوقعني، والمخيف اني اكتشفت ان اللي ضربني وسحلني كان شاب ملتزم وعمره ما اتخانق في حياته، بس هو كان على حق، والحق دايما صوته أعلى من الباطل، مخفش من الموت فالموت هابه، وانتصر عليا وعلى رهبة الموت..
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
………….
تم إعدام المتهم بتاريخ ١٢/١ بعد صراخ رهيب على حبل المشنقة، وكانت أخر كلماته:
“النار هتحرقني”
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
…………..
“مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً”
بقلم: أحمد محمود شرقاوي
…………

شارك هذا المقال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *